Header AD

تحطيم الأهرامات


كتب : عبدالباسط الحبيشي
ليس كل من قرأ كتاب أو أثنين عن الإسلام بات من المتفقهين في الدين الإسلامي. وليس كل من تنطع بحديث أو حديثين أفتى في الدين.
وليس كل من قال أن الإسلام "دين ودولة" أصبح عالم من علماء الإسلام. وليس كل من دخل الإسلام من بوابة السياسة أو دخل السياسة من بوابة الإسلام أصبح سيد المجاهدين.
 وليس كل من نادى بتطبيق الشريعة الإسلامية أصبح من الغيورين على الإسلام. وليس كل من حاول أن يفرض نص "الشريعة الإسلامية" كمصدر رئيسي أو وحيد في أي دستور لأي دولة عربية بات رجل المهمات والملمات الصعبة.
الجدل الدائر حالياً في مصر حول الدستور خاصة بما يتعلق بموضوع تطبيق (الشريعة الإسلامية) أوقع الإخوان المسلمين والسلفيين على حدٍ سواء  في شر أعمالهم من حيث لا يشعرون وجعلهم مادة للسخرية و

التندر في كل أنحاء العالم ، ولم تألوا بعض القنوات الفضائية المصرية جهداً في منحهم الفرصة الكافية للكشف عن أنفسهم وحجمهم الطبيعي ومستواهم الحقيقي إزاء فهمهم وممارستهم للإسلام ، لدرجة أن أحدهم دعا إلى هدم الأهرامات والتماثيل المصرية بإعتبارها أصنام محرمة لا تقرها الشريعة الإسلامية متناسياً أن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي بعثه سيدنا عمر بن الخطاب خليفة رسول الله لم يمسسها بسؤ ، وأن كل الإمبراطوريات الإسلامية التي حكمت مصر بعد ذلك مروراً بالدولة الفاطمية وصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس الشريف وآخرها الدولة العثمانية لم تقترب منها أو تفتي بتحطيمها.
بل أنهم جميعاً تركوه كتراث ضخم يملأ أرض مصر وكل متاحف العالم ليروي لنا القصة الإنسانية والتاريخ الإنساني منذ الأزل وليعلم البشرية حقائق يجهلونها ، بينما هذا المطوع المتسلف الإخونجي ، تطبيقاً للشريعة الإسلامية بحسب فهمه المتخلف ، دعا إلى تحطيم هذا التراث العالمي.
لا يملك أي إنسان ، كما أكد علماء الفقة المقارن ، تطبيق الشريعة ـ لأنها مجرد نصوص ، وهذه النصوص بحاجة إلى فقه ، والفقه يتعدد إلى مذاهب ، وكل فقه بحاجة إلى تفسير ، والتفسير يحمل  مفاهيم مختلفة ، وكل مفهوم يتوصل إليه الفقيه المتخصص يصاغ منه القوانين التي تتناسب مع المجتمع بعد التوافق عليه بحسب ظروف الزمان والمكان الذي يعيشه الناس.
إذن فإن هذا المنطق الفقهي العام المتخصص يدحض من الأساس كل الأفكار التي تصر على إدراج مصطلح الشريعة الإسلامية في أي دستور ، ولهذا نجد أن بعض الدساتير المعاصرة الناضجة أكتفت بما يخص المادة الدينية لتهيمن على الدستور بعبارة "الإسلام هو دين الدولة" وكفى ، وتركت الصلاحية للمُشرع الذي أنتخبه الشعب في إختيار النصوص والفقه المناسب النابع من روح الإسلام لإستنباط ما يرى منها مناسباً لسن القوانين بحسب حاجة المجتمع إليها.
ولكننا ، برغم هذا الوضوح ، نجد من يتنطع بإجتزاء الآيات الكريمة وإستخدامها لمصالحه السياسية كالأية التي تقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}  في الإدعاء لنفسه بإمتلاك الحقيقة وتطبيقها كما يشاء هو دون أن يكمل أو يعقل بقية الآية التي تقول { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} وهو الإيمان بوجود الله ووجود يوم الحشر الذي يتم فيه الفصل بما أختلف فيه ، الذي وصف أيضاً بيوم الحساب ، الذي يعتقد هؤلاء بأنهم قادرون على مصادرته وسرقته كما سرقوا وأغتصبوا ثورات الربيع العربي كما هُم في مصادرة إرادة الناس وعقولهم وإبتزازهم بالإسلام. في الوقت الذي لا يوجد أوضح دليل على ديموقراطية الإسلام وعلمانيته من الآية الكريمة { قُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} بما يؤكد ويعزز قوة الآية السابقة عن الإيمان بالله واليوم الآخر.
تحطيم الأهرامات تحطيم الأهرامات Reviewed by Gharam elsawy on الأحد, نوفمبر 18, 2012 Rating: 5

ليست هناك تعليقات

Post AD